╣☼╠ مواقف من الحياة ... صفحات متجددة ( اسبوعيا ) !!╣☼╠

(1)


مواقف من الحياة هي رؤية شخصية ناقدة وساخرة وضاحكة لكل الاحداث التي تقع لنا أو لغيرنا في الحياة فنلقي عليها قليلا من الضوء ... فمن وراء تلك الاحداث نستطيع البحث عن خفايا أكبر وأعمق من مجرد مزحة أو قصة طريفة لنحاول سبر اغوارها والبحث عن الأسباب والمسببات ولنضع اصبعنا على الداء .. فربما يكون لدينا العلاج ..


غرق

كنت تحت ظل الشمسية اتصفح جربدة على شاطئ البحر حين سمعت اصواتا تصرخ وانفاسا لاهثة واسترقت النظر لأرى جمعا من الرجال يحملون على أيديهم صبيا يافعا في مقتبل العمر عيناه مغمضتان وجسمه مرتهل وتكسوه بعض الزرقة ..
رميت الجريدة جانبا وقادني الفضول الى معرفة ماجرى بالتفصيل حاصة وأن مقر الحماية المدنية كان قريبا من المكان الذي كنت فيه ، شققت مكانا لي وسط ذلك الحشد الصغير الذي قاده الفضول مثلي فرأيت رجلا من الاسعاف يحاول القيام بمحاولة تنفيس اصطناعي وضاغطا على صدر الطفل في محاولة لاخراج الماء لكن لاشيء خرج وما من ردة فعل من الصبي التعيس .. لا أدري لماذا في تلك اللحظات أيقنت أنهم بصدد النفخ في جسد بلا روح وأن ذلك الصبي الذي ربما كان يلعب مع أقرانه أصبح جثة هامدة لا حول لها ... وفي الأثناء أتت سيارة الاسعاف لتنقله الى المستشفى فلعل وعسى تكتب له حياة جديدة رغم أن الأمل نزل الى الحضيض أو ربما أدني من ذلك ..
وهذه ضحية أخرى من ضحايا من ضحايا الاهمال والتقصير أو ربما لا هذا وذلك ، صبي كغيره من آلاف الصبيان يذهب الى البحر رفقة أقرانه ليسبح ويلهو ، يتوغل قليلا في البحر مستعرضا قدراته السباحية وفجأة يتعرض الى توعك صغير في رجليه ربما نتيجة التعب أو عدم الاستعداد ، يحاول أن يخرج فلا يستطيع فيغطس في الماء مبتلعا كمية كبيرة من الماء المالح فيخاف أكثر ليتخبط أكثر وأكثر في المياه ويتصارع معها وفي الأثناء يندفع الماء الى أحشائه فيصعب التنفس ويقترب شيح الموت ، يحاول أصدقاؤه نجدته لكن بعد فوات الأوان .. فهيهات .. فوقت القضاء يأتي في غفلة كما يقال ..
ولا أدري من المسؤول هنا ، هل هم الأهل الذين تركوه يذهب لوحده ؟ أم تهور الشاب واندفاعه ؟ أو أصدقاءه الذين خذلوه ولم ينجدوه في الابان ؟ أو هو غدر البحر أو بطئ الاسعاف أو أو أو ..
حزنت قليلا لكن سرعان ما عدت وعاد الجميع الى أماكنهم ليستمتعوا بالبحر وكأن شيئا لم يكن ، وهكذا هي الحياة ...

(2)
الرجل الأخضر

جميل أن تغير شكلك ومنظرك فلا يستطيع أحد أن يعرفك ... أتذكر كيف كنا نحاول ونحن صغار تقليد أبطال الكارتونز وأفلام الحركة ، فهناك من كان يقلد سلاحف النينجا وهناك من كان يقلد جنود المارينز في لباسهم العسكري المميز والألوان الخضراء التي يطلون بها وجوههم وأسلحتهم الرشاشة الفتاكة ( طبعا لم تكن أسلحتنا حقيقية بل مجرد لعب لا ترش الا الماء .. ) وكنت في ذلك الوقت مغرما بفان دام بطل الكاراتي صاحب القفزات الشهيرة والضربات القاضية التي تسقط الأعداء ، ودفعني هذا الاعجاب الى تعلم فنون الكارتي .. لكن تحول هذا الشيء الى نقمة لعائلتي حيث صرت أطبق ما أتعلمه على أرض الواقع ، فكان في كل يوم تسقط ضحية من ضحايا ركلاتي ولكماتي التي لا ترحم ، وكثرت الشكاوي علي .. لكن أغرب شكوى كانت من شاب يكبرني بعشر سنوات ، استهان بي وضربني بلا سبب فأكل من حر يدي وساقي ما أكل الطبل يوم العيد .. والطريف أن أم الطفل لما ذهبت لتشتكي بي ولم تكن تعرفني ، فلما رأتني صفعت ابنها ونهرته قائلة " كيف لطفل صغير السن وبريئ الملامح أن يفعل بك ما فعل ، أكيد أنت تكذب .. اغرب عن وجهي " حينها تظاهرت بالبراءة قائلا لها " هل تيقنت الآن أيتها الخالة الى أي مدى يظلمنا الكبار ! " - أعود الى حادثة الرجل الأخضر ، حيث كنت على شاطئ البحر أتمشى .. لم أدر كم من الوقت ظللت أمشي ربما زهاء ساعة أو أكثر وكان البحر على جانبي ومن الجانب الآخر كان هناك جبل شاهق لونه أخضر بما أنه مليئ بالأشجار والنباتات الخضراء ، ألقيت نظرة على الماء فوجدت لونه يميل الى الاخضرار ربما لكثرة الطحالب الخضراء .. نظرت الى الأمام فرأيت أناسا غريبي الأشكال يكسو اللون الأخضر أجسادهم وشعورهم .. كان منظرا غريبا حتى أني خفت بعض الشيء وتساءلت في قرارة نفسي " هل أنا في الكوكب الأخضر مع مخلوقات فضائية خضراء غريبة أم على كوكب الأرض ؟ " وبينما كنت غارقا في تساؤلاتي وشكوكي اذ رأيت جمعا من البشر متحلقين حول صخرة ، فذهبت هناك وسألت عن سبب تواجدهم هناك فقيل لي أنها عين طينية لما تدهن بها بشرتك ستتيبس تيبسا شديدا وعندها ما عليك سوى أن تغطس قليلا في ماء البحر لتصبح بشرتك طرية ملساء .. قلت في نفسي لا احتاج الى أن تصبح بشرتي كذلك لكن سأجرب على كل حال ..
دهنت جسدي كله وشعري بهذا الطين ثم قفلت راجعا الى المنزل ونسيت أن هذا الطين لونه أخضر وأن شكلي الآن أقرب الى كائن فضائي منه الى انسان آدمي .. ففي الطريق كان البعض يضحك والبعض يستغرب وأنا لا أدري ما السبب ، الى أن وصلت الى المنزل وحينها عرفت أني صرت الرجل الأخضر الذي كان في يوم ما أبيض !

(3)

يوم من أيام رمضان

فتح قيس عينيه المنتفختين بالنوم ببطئ شديد كما تفتح الضفدعة عينيها ، فأبشع شيء يمكن أن تراه العين هي رؤية قيس وهو مستيقظ من النوم فمثله كمثل ملاكم من الوزن الثقيل تورمت عيناه بفعل الضربات التي تلقاها من الخصم ، كذلك قيس ترى عينيه متورمتين كبيضتي غراب أعور وتحت عينيه ترى هالة سوداء بغعل السهر الشديد .. أما شعره فكل خصلة في مكان واحدة تتجه الى فوق وكأنها هوائي تلفاز وثانية الى أسفل وكأنها الحبل الذي يربط بدلو البئر وخصلة في الشرق وأخرى في الغرب وكأنها بوصلة بحار تاه في أعماق المحيط ... فرك قيس عينيه بشدة حتى يستطيع رؤية ما حوله ، وأول شيء نظر اليه كانت الساعة الى دقت حينها 11 دقة بالتمام والكمال ، همهم قيس ببعض الكلمات المبهمة ثم تفحص هاتفه الجوال فوجد 30 مكالمة ضائعة ، 20 من خطيبته ليلى و 10 من فتاة مجهولة تعرف عليها عبر الهاتف في الليلة الفارطة ، وكان قيس بحكم فطنته وذكائه الشديد متأكدا أن خطيبته كانت تحاول وضع طعم له لتختبر وفاءه واخلاصه لها فكان قيس أذكي منها وطلبها ( الفتاة المجهولة ) من هاتف جوال آخر سري يحتفظ به لمثل هذه المهام الخاصة ...
فتح قيس التلفاز وهو مازال مستلقيا على الفراش كما هي عادته دائما .. لم يكن يستقر على قناة واحدة لأكثر من دقيقة ليذهب الى قناة أخرى فكل القنوات متشابهة وتعرض نفس البرامج والمسلسلات ، وبعد أن جاب أكثر من 100 قناة استوقفه خبر عاجل على قناة الجزيرة " زلزال مدمر في بلاد الوقواق يودي بحياة 2000 شخص " ارتفع حاجبي قيس واتسعت حدقتي عينيه فالخبر مثير وهو يهوى الاثارة شريطة أن لا تقع على رأسه ، فليذهب العالم الى الجحيم طالما لن يصيبه هو أو خطيبته أو أمه أو قطته أي ضرر .. شعر قيس بالملل من جديد فذهب الى قناة mtv hits لعله يحس ببعض الانتعاش فبمجرد سماع المغني العظيم snoop dog أو المطرب الأعظم dr dre ترتعش أطرافه فهذين الجهبذين دائما ما تحمل أغانيهم مضمونا ساميا من قبيل كيفية تناول المخدرات بعيدا عن أعين الشرطة أو الطريقة المثلى لممارسة الجنس مع زوجة جارك دون أن يشعر بأي شيء الخ

أحس قيس ببعض الانتعاش فذهب ليستحم ، ثم حلق بعد ذلك ذقنه وصفف شعره المخملي وارتدى ملابسه الجديدة وأخذ مفاتيح السيارة وخرج ... مازالت الشمس في كبد السماء والساعة لم تتجاوز الواحدة بعد الزوال اي مازالت 6 ساعات بالتمام والكمال عن موعد الافطار .. شغل قيس السيارة وانطلق لا يلوي على شيء لكن بعد ساعة كاملة من السياقة تذكر أنه لم يختر بعد المكان الذي سيذهب اليه ... توقف قليلا ونظر حوله فرأى لافتة مكتوب عليها " نادي التنس " فخمن أنها الفرصة المناسبة لقتل الوقت وممارسة الرياضة في آن واحد . هاتف قيس صديقه نوفل كي يأتي حالا حتى يلعبا كرة المضرب فنوفل يعشق اللاعب نادال وقيس يهوى اللاعب فدرير لذا فالفرصة مناسبة كي يسحق فديرير نادال ويأخذ بثأره من الهزائم العديدة التي تعرض لها في الآونة الأخيرة .. ارتدى قيس ملابسه الرياضية التي يضعها دائما في صندوق السيارة الخلفي ودلف الى النادي .. جلس على مقعد هناك ينتظر قدوم صديقه وفجأة سمع صوتا رقيقا ناعما خلفه يناديه " قيس ، قيسون أين أنت يا رجل ، أفتقدتك كثيرا " التفت قيس فرأى زميلته في الجامعة الغنجاء " سوسو " ذات القامة الهيفاء والبشرة السمراء والعين الخضراء وهي تبتسم وتسلم عليه بحرارة . سلم عليها قيس بحرارة مماثلة لكن في نفس الوقت يقول في نفسه " وا أسفاه ، راح صيامي وذهب هدرا مهدورا " لأن سوسو وقتها كانت مرتدية لباس التنس وهو عبارة عن تنورة قصيرة جدا تكشف ما لا يجب أن يكشف وقميصا خفيفا من فوق ..

" قيسون هل تلعب معي قليلا " أجاب قيس وبعض قطرات العرق انسابت من جبينه " ماذا سنلعب ؟؟ - ضحكت سوسو " مباراة تنس طبعا .. اوكي موافق ...

بعد زهاء الساعتين ، قفل قيس عائدا الى المنزل - " ماذا سأفعل الآن ، مازالت 3 ساعات عن موعد الافطار " .

بعد تفكير طويل قرر قيس الذهاب الى البحر ليسبح قليلا .. كان الشاطئ فارغا الا من بعض السائحين والسائحات الذين كانوا مستلقين على الرمال مستمتعين باشعة الشمس الدافئة واللذيذة . عام قيس قليلا ثم فكر انها ليست الطريقة المثلى لقضاء يوم من رمضان فبمجرد رؤية تلك السائحات الفاتنات سيذهب عقله الى متاهات ليس لها قرار ..

وعاد أخيرا قيس الى المنزل ، فوجد رائحة الطعام تلف المكان لفا فازدادت شهيته وكبر جوعه وسال لعابه .. " رباه ما أطول هذا اليوم " .. سأذهب الى بيتي لاستمتع ببعض الموسيقى الهادئة لعلي أنسى جوعي وعطشي ... وبعد نصف ساعة رفع آذان المغرب فغاص قيس بين الاطباق العديدة التي ملأت طاولة الطعام .. أكل بنهم شديد الى أن انتفخت بطنه فذهب ليرتاح قليلا قبل أن يخرج مع الأصدقاء ليلعب الورق ويقوم بمغامرات جديدة ...



((( لكم الحرية في التعليق على ما تريدونه )))

مشكورين ع المرور